" طوبى لنا إن جعلنا اهتمامنا بالبشر أكثر من الحجر "
لكِنَّ الْعَلِيَّ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَاتِ الأَيَادِي، كَمَا يَقُولُ النَّبِيُّ:
السَّمَاءُ كُرْسِيٌّ لِي، وَالأَرْضُ مَوْطِئٌ لِقَدَمَيَّ. أَيَّ بَيْتٍ تَبْنُونَ لِي؟ يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَيٌّ هُوَ مَكَانُ رَاحَتِي؟ أَلَيْسَتْ يَدِي صَنَعَتْ هذِهِ الأَشْيَاءَ كُلَّهَا؟ (أع 7: 48-49)
الله يسكن في النفس التي خُلقت على صورة الله، وتشكّلت بيد الخالق نفسه. لذلك يقول بولس الرسول: "هيكل الله مقدس، الذي أنتم هو" (كو 3: 17).
هذه الهياكل مصنوعة من خشب وحجارة لكي ما تجتمع هياكل الله الحية فيه، وتصير معًا هيكل الله. المسيحي المنفرد هو هيكل الله، والمسيحيون الكثيرون هم هياكل الله.
يا لجمال الهيكل الذي تتشكل من الهياكل؛ وذلك مثل أعضاء كثيرة تكَّون جسدًا واحدًا، هكذا هياكل كثيرة تكَّون هيكلًا واحدًا.
الآن تلك الهياكل التي للمسيح، نفوس المسيحيين التقية مبعثرة في العالم، ولكن إذ يحل يوم الدينونة، يجتمعون معًا، ويكَّونون هيكلًا واحدًا في حياة أبدية...
لنفرح أننا تأهلنا أن نكون هيكل الله، لكن لنخشى لئلا نفسد هيكل الله بأعمال شريرة. لنخشى ما يقوله الرسول: "إن كان أحد يفسد هيكل الله، فسيفسده الله" (1 كو 3: 17).
ليت الله لا يجد فيكم، أي في هيكله، شيئًا دنسًا أو مظلمًا أو متشامخًا. فإن عانى هناك من مضايقة ينسحب سريعًا، ومن يفارقه المخلّص للحال يقترب الشيطان، كم تكون حالة النفس التعيسة حينما يفارقها الله ويمتلكها الشيطان؟ مثل هذه النفس تُحرم من النور، وتمتلئ ظلمة، تفقد العذوبة، وتمتلئ مرارة. إنها تحطم الحياة، وتجد الموت. إنها تنال عقوبة.
إن كان الله في تواضعه سمح بإقامة خيمة الاجتماع، ثم ببناء الهيكل، فإن راحته ليس في موضع معين، بل في حضوره وسط شعبه، الذي يحمل شعبه إلى العلى، ويرتفع بهم إلى ما فوق الحرف والمادة ليتمتعوا بالروح والسماء!