تأملات في كلمة الله غذاء للحياة اليومية

العشاء الرباني "الأفخارستيا"
وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ: خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي, وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، " ( متى 26 : 26-27 ). وهذه الكلمة تعني العرفان بالجميل والأمتنان وبالتالي أبداء الشكر وهذا المعنى الأكثر تداولاً في اللغة الإغريقية (التي هي من أسلاف اللغة اليونانية وحقبة من تطورها التاريخي)، وأول من أستخدم هذه الكلمة بمعناها الفني هو الديداكي وأغناطيوس وجاستن .
كان تناول الخبز والخمر معاً من العادات المألوفة لدى اليهود قديماً, فكانوا يمارسونها عند مواساة من مات قريب أو صديق له. وكان الله ينهي قديسيه عن هذه العادة عند انتشار الشر ونـزول قضائه على الأشرار حتى لا يعزوا ذويهم بتعزية ما (حزقيال 24: 17, إرميا 16: 6و 7). كما كانوا يمارسون هذه العادة في كل سبت, فكان رب الأسرة يأخذ رغيفاً وكأساً, وبعد أن يرفع الشكر لله من أجلهما, يقدمهما لأفراد أسرته لكي يأكلوا ويشربوا.
في العهد القديم لم يكن الناس يستطيعون الاقتراب إلى الله إلا عن طريق الكهنة ونظام الذبائح، وقد جاء موت المسيح على الصليب بالعهد الجديد بين الله وبيننا، ويستطيع جميع الناس الآن الاقتراب شخصياً إلى الله والشركة معه. تم العهد القديم أولاً على جبل سيناء بين الله وبني إسرائيل (خر ١٩ ؛ ٢٠)، وكان الهدف منه الإشارة إلى اليوم الذي سيأتي فيه المسيح. والعهد الجديد يكمل، أكثر مما يحل محل، العهد القديم متمما كل ما كان ينبئ به العهد القديم.
المفهوم الرمزي للعشاء الرباني: يعتبر العشاء مجرد رمز للتغذي بالمسيح.
والعشاء الرباني لا يشترط وجود كاهن أو قسيس أو بمكان معين ...وإنما يرتبط بوجود المؤمنين مع بعض للمشاركة بالعشاء الرباني, لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ”. (متّى 18، 20).
وَكَانُوا كُلَّ يَوْمٍ يُواظِبُونَ فِي الْهَيْكَلِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ. وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ، كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ (اعمال 2 :1-46)
وفي رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 11 ((20 فَحِينَ تَجْتَمِعُونَ مَعًا لَيْسَ هُوَ لأَكْلِ عَشَاءِ الرَّبِّ.
21 لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَسْبِقُ فَيَأْخُذُ عَشَاءَ نَفْسِهِ فِي الأَكْلِ، فَالْوَاحِدُ يَجُوعُ وَالآخَرُ يَسْكَرُ.
22 أَفَلَيْسَ لَكُمْ بُيُوتٌ لِتَأْكُلُوا فِيهَا وَتَشْرَبُوا؟ أَمْ تَسْتَهِينُونَ بِكَنِيسَةِ اللهِ وَتُخْجِلُونَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ؟ مَاذَا أَقُولُ لَكُمْ؟ أَأَمْدَحُكُمْ عَلَى هذَا؟ لَسْتُ أَمْدَحُكُمْ!
28 وَلكِنْ لِيَمْتَحِنِ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ، وَهكَذَا يَأْكُلُ مِنَ الْخُبْزِ وَيَشْرَبُ مِنَ الْكَأْسِ.
33 إِذًا يَا إِخْوَتِي، حِينَ تَجْتَمِعُونَ لِلأَكْلِ، انْتَظِرُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا.))
-”أَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: هذَا هُوَ جَسَدِي الَّذِي يُبْذَلُ عَنْكُمْ. اِصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي. وَكَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلاً: هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ“. (لوقا 19:22-20)
فعشاء الرب هو تذكار.. الخبز يستمرّ خبزاً، والكأس تحتوي خمراً، والخمر في هذه الكأس غير مختمرة، لأنه في فترة عيد الفصح أمر الرب شعبه قائلاً: ”سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَأْكُلُونَ فَطِيرًا... تَعْزِلُونَ الْخَمِيرَ مِنْ بُيُوتِكُمْ... سَبْعَةَ أَيَّامٍ لاَ يُوجَدْ خَمِيرٌ فِي بُيُوتِكُمْ“ (خروج 15:12 و19). 
وبولس الرسول يؤكد أننا لا نأكل لحماً في عشاء الرب، بل نأكل خبزاً إذ يقول: ”فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ“ (1كورنثوس 26:11).
فاحذر من أن تعتقد أن الخبز في عشاء الرب يتحوّل إلى جسد يسوع حرفياً... إن الخبز يظلّ خبزاً وحاسة الذوق تؤكد لك هذا الحق.
-يقول بولس الرسول: ”فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ...“ (1كورنثوس26:11).
فعشاء الرب هو إخبار بحقيقة موت الرب على الصليب. هو المناداة المستمرة بهذا الحق الذي لا يجب أن يغيب لحظة عن أذهان المؤمنين.
-"فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ" (1كورنثوس 26:11).
فبينما نجد في عشاء الرب تذكاراً وإخباراً بموته، نجد أيضاً انتظاراً لمجيئه الثاني.
-نحن لا نشترك في عشاء الرب لننال الغفران.. نحن نشترك في عشاء الرب لأننا نلنا الغفران بالإيمان بيسوع المسيح.
"الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ" (أفسس 7:1).
اشتراكنا مع المؤمنين الحقيقيين في الأكل من عشاء الرب إعلان منا بشركتنا مع الأبرار "فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي الْخُبْزِ الْوَاحِدِ" (1كونثوس 17:10).
-يقول بولس الرسول: 
"جَرِّبُوا أَنْفُسَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ فِي الإِيمَانِ؟ امْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ. أَمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ أَنْفُسَكُمْ، أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ فِيكُمْ، إِنْ لَمْ تَكُونُوا مَرْفُوضِينَ؟" (2كورنثوس 5:13).
وبعد أن تتأكد من وجود المسيح فيك، يمكنك أن تأكل من الخبز وتشرب من الكأس.






رمزية العشاء الرباني

أولاً يجب أن نتذكر أن ذبيحة المسيح مرة واحدة لا تتكرر وهي الوحيدة التي ننال بها غفران الخطايا، حيث نجد في العبرانيين10: 10 فَبِهذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً. ١١وَكُلُّ كَاهِنٍ يَقُومُ كُلَّ يَوْمٍ يَخْدِمُ وَيُقَدِّمُ مِرَارًا كَثِيرَةً تِلْكَ الذَّبَائِحَ عَيْنَهَا، الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ الْبَتَّةَ أَنْ تَنْزِعَ الْخَطِيَّةَ. ١٢وَأَمَّا هذَا فَبَعْدَمَا قَدَّمَ عَنِ الْخَطَايَا ذَبِيحَةً وَاحِدَةً، جَلَسَ إِلَى الأَبَدِ عَنْ يَمِينِ اللهِ، ١٣مُنْتَظِرًا بَعْدَ ذلِكَ حَتَّى تُوضَعَ أَعْدَاؤُهُ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْهِ. ١٤لأَنَّهُ بِقُرْبَانٍ وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إِلَى الأَبَدِ الْمُقَدَّسِينَ. ١٥وَيَشْهَدُ لَنَا الرُّوحُ الْقُدُسُ أَيْضًا. لأَنَّهُ بَعْدَمَا قَالَ سَابِقًا: ١٦"هذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَعْهَدُهُ مَعَهُمْ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَجْعَلُ نَوَامِيسِي فِي قُلُوبِهِمْ وَأَكْتُبُهَا فِي أَذْهَانِهِمْ ١٧وَلَنْ أَذْكُرَ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا بَعْدُ". ١٨وَإِنَّمَا حَيْثُ تَكُونُ مَغْفِرَةٌ لِهذِهِ لاَ يَكُونُ بَعْدُ قُرْبَانٌ عَنِ الْخَطِيَّةِ.

***جسد المسيح:
وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ:"خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي". (مت ٢٦ : ٢٦)
حيث يرمز جسد المسيح إلى الكلمة أي الكلمة المتجسد[ وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا.] (يو ١ : ١٤)
ويرمز له أيضاً بالخبز [أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ". ] (يو ٦ : ٥١)

فَخَاصَمَ الْيَهُودُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ:"كَيْفَ يَقْدِرُ هذَا أَنْ يُعْطِيَنَا جَسَدَهُ لِنَأْكُلَ؟" (يو ٦ : ٥٢) حدث هذا لأنهم لم يفهموا أنه كان يقصد (الكلمة،الخبز)
-فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:"الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. (يو ٦ : ٥٣)
-مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، (يو ٦ : ٥٤)
-لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقُّ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقُّ. (يو ٦ : ٥٥)
-مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. (يو ٦ : ٥٦)

فَأَجَابَ وَقَالَ:"مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ". (مت ٤ : ٤)
هنا ساوى أي جعل مساواة بين الخبز والكلمة أي كلمة الله. كشرط ليحيا الإنسان (في أكل الخبز يحيا جسدياً وفي طاعة كلمة الله يحيا روحياً)أي الأهمّ هو الطاعة لكلّ كلمة تخرج من فم الله. معنا هذا رمزية جسد المسيح هي الطاعة لكلمة الله

***دم المسيح:
نقرأ في يوحنا الأولى 5 : 7فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ(أي المسيح) وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. ٨وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ(رمز الروح القدس) وَالثَّلاَثَةُ هُمْ فِي الْوَاحِد.
الروح والماء والدم والثلاثة هم في الواحد. فالله يتنازل لمنحنا شهادة مثلّثة عن الحقّ، هذا مع كون كلمة الله هي كافية لنا. أولاً، يشهد روح الله عن يسوع المسيح أنه هو الله، وأنه المخلِّص الوحيد للعالم. وشهادة الروح هذه هي في كلمة الله المكتوبة.
إن دم الرب يسوع المسيح يشهد عن أنه قد تمّت تسوية مسألة الخطية مرة وإلى الأبد، وبشكل يرضي الله. وهؤلاء الشهود الثلاثة جميعهم هم في الواحد، بمعنى أنهم متحدون في الشهادة لكمال شخص المسيح وعمله.

نستنتج أن رمزية دم المسيح أي الشهادة بالروح القدس الساكن فينا، نشهد إن يسوع المسيح ابن الله ، وهو الله الظاهر فى الجسد ، وانه مات وقام وصعد الى السموات وخلصنا وأعطانا الحياة الأبدية ..الخ....فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ. (1كو ١١ : ٢٦)

العشاء الرباني "الأفخارستيا" image
تم عمل هذا الموقع بواسطة